يعتبر الحارس الإسباني فيكتور فالديز أحد أفراد الجيل الذي يصفه متابعون كُثر بالأفضل في تاريخ نادي برشلونة، إلا أنه أحد الأسماء التي لا تحظى بإجماع أنصار الفريق بالرغم من أنه أعاد اكتشاف نفسه في الموسمين الأخيرين، وسطـّر في الموسم الجاري رقماً قياسياً في الحفاظ على نظافة شباكه.
ولا يغفر البعض لفالديز أخطاءه القديمة التي كلفت الفريق نقاطاً ثمينة في مناسبات عدة، فيما يرى آخرون أن هناك تحاملاً عليه خاصة أنه تجاوز ارتباكه وأصبح أحد الركائز الأساسية لفريق المدرب جوسيب غوارديولا.
الإرث الثقيل
بعيداً عن تعاطف المشجعين ومشاعرهم المختلفة، فقد تسبب فالديز بصداع دائم لمدرب الفريق السابق (2003-2008) الهولندي فرانك رايكارد.
ولعل أشهر أخطائه المؤثرة كانت أمام زميله الحالي مهاجم منتخب إسبانيا وبرشلونة دافيد فيا والتي تكررت في موسم 2005-2006 مرتين وكلفت الفريق 4 نقاط، إذ تعادل ذهاباً (2-2) في الكامب نو وسجل فيا الذي كان في صفوف فالنسيا حينها هدفين الأول من ركلة جزاء، والثاني بالصدفة بعد تشتيت الكرة من فالديز لتصدم بـ "إل كواخي" وهو اللقب الذي يشتهر به هداف "لاروخا" وتتهادى نحو المرمى وسط ذهول الجماهير.
وفي مباراة الإياب بمعقل فالنسيا ملعب "ميستايا" كان الخطأ أكثر سذاجة حين أرجع فالديز الكرة بتسرع لزميله بويول فسرقها فيا وكان العقاب بتسديدة ساقطة "لوب" وكانت هدف المباراة الوحيد الذي أهدى النقاط الكاملة للخفافيش.
مع العلم أن برشلونة أحرز لقب الدوري الإسباني في الموسم المذكور بفارق 12 نقطة عن ريال مدريد الوصيف.
ولا ينسى عشاق الفريق الكاتالوني المباراة الكارثية أمام جارهم اللدود إسبانيول في إياب موسم 2008-2009 الذي كان الموسم الأول تحت قيادة غوارديولا، وانتهت تلك المباراة بفوز الفريق الأزرق والأبيض بنتيجة (2-1)، وخلّفت حينها قهراً مضاعفاً لأنصار "بلوغرانا" فمسجل الهدفين كان لاعب فريقهم السابق إيفان دي لا بينيا، وثاني الأهداف كان كوميدياً بسبب فالديز الذي مرر له الكرة بالخطأ ليسدد الكرة من فوقه في المرمى الخالي
تصحيح المسار
في السنوات الثلاث الأخيرة التي هيمن فيها برشلونة وتألق في كل المسابقات تلونت الصورة القاتمة لفالديز فنال الثناء في مباريات كبرى، إذ قدم مستوى لافتاً في مباريات الكلاسيكو أمام الغريم التقليدي ريال مدريد والتي تصدى فيها لكرات في غاية الصعوبة، إلى جانب تألقه في نهائي دوري الأبطال عام 2009 أمام مانشستر يونايتد وقبلها في نصف النهائي الشهير أمام تشلسي، وصنفه بعض المحللين كأحد أفضل الحراس في مواجهات الانفراد مع المهاجمين.
ويعزو المراقبون تطور أداء فيكتور إلى اكتسابه خبرة أكبر و"نضج كروي" مع مرور الوقت إذ اقترب من إنهاء العقد الثالث من عمره وهو السن الذي يقدم فيه حراس المرمى عادة ذروة عطائهم.
إلى جانب تخليه عن غرور زائف غير معلن، وكان هذا الغرور أحد أسباب أخطائه البدائية في حالات سهلة وهو ما وقع به حراس كبار لعل أشهرهم الفرنسي فابيان بارتيز خاصة في سنين ارتدائه لقميص مانشستر يونايتد الإنكليزي.
حارس برشلونة !
ماذا لو كان فالديز حارساً لمرمى فريق آخر؟
سؤال يطرحه المشككون، خصوصاً من يرى أن الفائز بلقب أفضل حارس في الدوري الإسباني لا يجب اختياره حسب عدد الأهداف التي يتلقاها، وإنما وفق اعتبارات أخرى فنية ومهارية وتكتيكية.
والإجابة عن هذا السؤال تفتح الباب على جدل مستفيض، إذ أن فيكتور يقف متفرجاً في كثير من المباريات كون فريقه يسيطر أمام خصومه بنسبة استحواذ خيالية تتعدى معظم الأحيان 65 % بما فيهم كبار أوروبا، وذلك يعني أنه لا يتعرض لكثير من الاختبار والضغط في المباريات، كما أن المدافعين أمامه من الأفضل في العالم من طراز كارلس بويول وجيرارد بيكيه ودانيال ألفيش وإيريك أبيدال والقائمة تطول في كتيبة الفريق الكاتالوني.
ولكن مباريات الموسم الحالي في الدوري الإسباني تعطي انطباعاً عن مستوى جيد لفالديز يؤكد حضوره البدني والذهني وتركيزه الشديد مع الإشارة إلى غياب معظم مدافعي الفريق الأساسيين، إذ تناوب على الإصابة بويول الذي لم يلعب في معظم المباريات وكذلك بيكيه الذي غاب 4 مباريات متتالية وأبيدال الذي غاب مباراتين، ما اضطر غوارديولا للاستعانة بلاعبي الارتكاز ماسكيرانو وبوسكيتس للوقوف أمامه، ومع ذلك لم يتلق سوى 4 أهداف في المباريات العشر الأولى كاسراً الرقم السابق لحارس ديبورتيفو لاكورونيا "باكو ليانو" موسم 1993-1994، كما أنه تصدى لفرص عديدة أبرزها على الإطلاق في مباراة فياريال عندما انفرد الإيطالي جوسيبي روسي وكانت النتيجة تقدم "إل بارسا" بهدف، ليمنع التعادل ويمهد الطريق نحو فوز كاسح 5- صفر.
أرقام قياسية
حافظ فالديز على نظافة شباكه هذا الموسم في 7 مباريات من أصل 11 في الليغا، وفي ثلاث من أصل 4 في دوري أبطال أوروبا، ليسجل رقماً قياسياً في الدقائق المتتالية دون تلقي أهداف وصل إلى 896 دقيقة ابتداءً من الدقيقة 23 في مباراة فالنسيا (2-2) إلى الدقيقة 19 في مباراة أتلتيك بلباو (2-2).
بذلك تجاوز رقم ميغيل رينا حارس برشلونة وأتلتيكو مدريد السابق، ووالد حارس ليفربول بيبي رينا والبالغ 824 دقيقة.
ووصل فالديز إلى مباراته رقم 433 بقميص برشلونة في 10 مواسم متجاوزاً المدير الرياضي الحالي لفريقه أندوني زوبيزاريتا (410 في 8 مواسم).
كما كان ظهوره في مباراة أتلتيكو مدريد هذا الموسم (5-0) يحمل الرقم 300 في الدوري، ثم كسر رقماً آخر لزوبيزاريتا الذي لعب 301 مباراة بقميص برشلونة في الدوري، واصلاً للمباراة رقم 306 أمام أتلتيك بلباو وبلغ عدد الأهداف التي تلقاها فيها 245 هدفاً.
ويعد فالديز الذي لم يلعب لفريق آخر سوى برشلونة في مسيرته الاحترافية، وجدد عقده معه مؤخراً حتى عام 2014، الحارس الوحيد في تاريخ الفريق الذي شارك في كافة مباريات الدوري وذلك كان خلال موسم 2006-2007، حين لعب 38 مباراة كأساسي وحتى دون أن يُستبدل.
كما تسلم فالديز في ختام الموسم الماضي 2010-2011 جائزة "زامورا" المخصصة لأفضل حارس في الدوري الإسباني، إذ اهتزت شباكه 21 مرة في 38 مباراة، بالغاً هذا الشرف للمرة الثالثة على التوالي، والذي لم يسبقه إليه سوى الحارس الأسبق لمرمى إسبانيا لويس أركونادا في الفترة من عام 1979 إلى 1982.
كما أنه يحتل المركز الثاني في قائمة الفائزين بالجائزة مشتركاً مع حارس ديبورتيفو وفالنسيا الشهير سانتياغو كانيزاريس وحارس ديبورتيفو لاكورونيا في أربعينيات القرن الماضي خوان أكونا، ومتأخراً عن الأسطورة أنتوني راماليتس حارس برشلونة الأسبق الذي ينفرد بالرقم القياسي بحصوله على الجائزة في خمسة مواسم.
الأرقام تتكلم
رز فالديز مع برشلونة 16 لقباً محلياً وقارياً وعالمياً، فتوج بلقب الدوري الإسباني خمس مرات في مواسم 2004-2005، 2005-2006، 2008-2009، 2009-2010 و2010-2011، كما حقق بطولة كأس الملك مرة واحدة 2008-2009، وكأس السوبر الإسبانية خمس مرات 2005، 2006، 2009، 2010، 2011، ودوري أبطال أوروبا 3 مرات: 2006 ، 2009، 2011، وكأس السوبر الأوروبية 2009 و2011، وكأس العالم للأندية 2009، وكأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا مع منتخب بلاده رغم أنه لم يشارك في أي مباراة كونه الحارس الثالث.
جيد ولكن !
كعشاق لكرة القدم نعلم أنها تكتسب كثيراً من متعتها في مفارقاتها وجنونها، وذلك ما يجسده هذا الحارس في بعض المواقف.
وبتقييم حيادي يمكن أن نصنف فالديز حارساً جيداً "له أخطاؤه"، وذلك ينطبق على أعتى الحراس واللاعبين بما فيهم نخبة الجيل الحالي أمثال جيانلويجي بوفون وإيكر كاسياس وجوليو سيزار، أو نخبة حراس الماضي أمثال بيتر شمايكل وفابيان بارتيز وديفيد سيمان...
ويُذكّر مشجعو برشلونة بعضهم مؤخراً باللقطة الطريفة التي كان فالديز بطلها في مباراة ريال سوسيداد (2-2) في ثالث مراحل الليغا، إذ كاد يتلقى هدفاً مضحكاً بعد تشتيت الكرة من أحد لاعبي سوسيداد في منتصف الملعب فيما كان عائداً نحو مرماه وظهره للكرة فوجدها أمامه متجهة للمرمى وبالكاد أمسكها قبل أن تكون هدفاً جديداً للذكرى !
بطاقة اللاعب
الاسم الكامل: فيكتور فالديز أريباس.
العمر: 29 سنة ( 14-1-1982).
الطول: 183 سم - الوزن: 78 كغ.
الانضمام لبرشلونة: عام 1995، شارك لأول مرة في الدوري أمام أتلتيكو مدريد في 1-9-2002.
الانضمام للمنتخب: عام 2010 في المباراة الودية أمام كوريا الجنوبية (1- صفر) ليكون الحارس رقم 49 في تاريخ منتخب إسبانيا.