إن لم تنجح مغارة جعيتا في الفوز بإحدى مقاعد عجائب الدنيا الطبيعية السبع الجديدة فإن منتخب لبنان لكرة القدم تعول عليه الآمال ليقلب الطاولة على الكوريين يوم الثلاثاء ويعزز حظوظه ببلوغ الدور النهائي الحاسم المؤهل للمونديال ليكون بحق معجزة التصفيات الآسيوية ويسطر عجيبة جديدة لم تكن بالحسبان.
ومغارة جعيتا هي مغارة طبيعية ذات تجاويف صخرية ومياه كلسية متجمدة وغير متجمدة وتم اكتشافها عام 1958 وترشحت لتكون إحدى عجائب الدنيا الطبيعية منذ أيام ولكن الحظ لم يحالفها.
الكوريون متهيبون الموقف وبالطبع نسوا أنهم فازوا على منتخب لبنان في بداية التصفيات بنصف دزينة من الأهداف بل إن اللاعبين سينزلون أرض الملعب وهم يفركون عيونهم من هول المشهد الذي سيشاهدونه من خلال الجماهير التي وعدت أن تزحف إلى أرض المدينة الرياضية كرمى لعيون المنتخب ولبنان. والأهم أن اللاعبين اللبنانيين سيكونون على قدر المسؤولية وعلى موعد مفصلي وتاريخي لبلوغ دور طالما حلموا به وهو مركز متقدم ومرتبة شرف كانت من نصيب منتخبات عربية شقيقة ومنها إلى المونديال "حوّل" بينما كان اللبنانيون ينتظرون سنين ضوئية قادمة لبلوغ المونديال.
الحلم اليوم أصبح قريباً إذ تحول بعصا سحرية وبفعل فاعل إلى واقع مفرح أدخل السرور والبهجة والغبطة إلى قلوب شعب طالما كانت هواجسه وهمومه غير رياضية على مدى سنوات وها هي المفاجآت الكروية بدأت تظهر على غرار لعبة كرة السلة التي عاش لاعبوها ونجومها مغامرة سعيدة على مدى ثلاث كؤوس عالم متوالية، بل حان الوقت لأن تتصدر اللعبة الشعبية الأولى، لعبة الفقراء والمساكين وأبناء الأزقة المعدومة والقرى المحرومة وأن تعود إلى سابق عهدها إلى زمن الستينيات والسبعينيات عندما كان منتخب لبنان "بعبع" الفرق العربية والآسيوية على حد سواء.
لقد بدأت بوادر الخير والعطاء تظهر على لاعبي المنتخب وبدأ اللاعبون يتلمسون مدى جدية المتكلمين، بالطبع لا بد للاعب أن يقدم لمنتخب بلاده الغالي والنفيس ولا يلعب من أجل سمعة أو مال ولكن لا بد أيضاً للقيمين والحريصين على إنتشال اللعبة من مستنقع الغرق الموحل أن تكون لهم لفتة لتحفيز اللاعبين، فالإحتراف غائب والوضع الإجتماعي مزر واللاعب هو من طينة هذا المجتمع يتأثر بما يدور حوله.
وعليه فإن مباراة لبنان أمام نظيره الكوري الجنوبي لن تكون سهلة ولن تكون صعبة في آن، لذا يجب على المدرب الألماني ثيو بوكير والجهاز الفني أن يعرفوا كيفية التعامل مع ظروف المباراة، وهم كذلك بلا شك وأيضا لن تمر المباراة على الكوريين وكأنها نزهة إذ لطالما كان أرض الملاعب اللبنانية فخاً محكماً لكثير من الفرق والمنتخبات، ونتذكر على سبيل المثال لا الحصر خسارة الشباب السعودي أمام الأنصار اللبناني في بطولة نوادي آسيا 0 – 3 بعدما كان فاز في الرياض بالنتيجة عينها! وهذا يدل على أن الكرة مستديرة بالفعل وتبتسم لمن يعطيها عرقه وجهده وتدير ظهرها لمن يركلها ركل المستهزئ المتعجرف.
مغارة جعيتا خرجت.. ولكن مغارة أشاوس المنتخب اللبناني ستفتح ذراعيها للدور الحاسم الذي بات قريباً، إذ يرونه بعيداً ونراه قريبا.. وأرض المدينة الرياضية ستكون هي ساح المعركة المرتقبة فهل يفعلها المنتخب اللبناني من جديد بعدما خرج فائزاً من مباراة شقيقه الكويتي لأول مرة في مباراة رسمية وعلى أرض الصداقة والسلام، يا سلام...وهل يتابع "مترو بوكير" مسيرته بسرعة فائقة لنشهد تغييراً جذرياً على الخارطة الكروية العربية.
وتلك الأيام نداولها بين الناس.
[img][/img][img][/img]