حي "العدوية" أصغر أحياء "حمص"

تحوله من مرجة خضراء ومتنزه قصده معظم أهالي "حمص" القديمة خارج أسوارها ليتمتعوا بجمال الربيع أو حتى لكي يجمعوا غلاّت عديدة من فواكه وخضراوات إلى حي حمل اسم "المريجة" في السجلات الرسمية ولكنّه عرف بين جميع سكان "حمص" بحي "العدوية".

يجمع الحي خليطاً فريداً بين المسحيين والمسلمين من سكان المدينة الأصليين ومن خارجها، هذا الخليط الذي لا تكاد تجده إذا ما كنت من سكانه بل على العنصيحه أنقلع من المنتدى لحالك فالجيرة الجيدة والتعاون والمشاركة في الأفراح والأتراح أهمّ سماته هذا ما قاله مختار الحارة السيد "منصور جمال الدين" ويواصل السيد "منصور" حديثه عن تاريخ نشأة الحي بقوله:

«مدينة "حمص" القديمة امتدت داخل الأسوار وحي "العدوية" أو "المريجة" كان خارج تلك الأسوار أو بالأحرى لم يكن حياً ولم يُبن فيه بيت واحد قبل سنة 1962 وإنما كان عبارة عن مرجة خضراء مملوءة بكروم العنب والنباتات التي تصلح للطعام وفيه "بيادر" كثيرة- أماكن جمع محصول الحبوب قبل درسه- وتلك المرجة كانت مقصداً للسكان حتى يرفهوا عن أنفسهم ويتنزهوا، حتى إنّها كانت تكتظ بالزائرين أيام العطل والأعياد وتنصب فيها الأراجيح وألعاب الأطفال القديمة، وبعد قيام الحركة التصحيحية بدأ البناء فيها وإقامة البيوت على المنطقة الممتدة من الطريق الرئيسي أو ما يسمى الكورنيش الشرقي حتى سكة "باب السباع" والسكة تعني سابقاً- الطريق المكسو بالزفت- وبعد البناء سكن الحي من قبل القادمين من قرى "حمص" ولاسيما الغربية منها ومن بعض سكان المدينة الأصليين».

لا يوجد تفسير معين لتسمية الحي "العدوية" على

مختار الحي السيد "منصور جمال الدين"
الرغم من عدم وجوده على أية لوحة رسمية توضع لأسماء الشوارع وإنما يُذكر الاسم بشارع "المريجة" منطقة ثانية أو ثالثة... ولكن على الأغلب أنّ الاسم كما أضاف السيد "منصور" قد أتى بعد بناء جامع "العدوية" كأول معلم في الحيّ سنة 1962 والحديقة الموجودة خلفه وذلك بعد أن تبرّع مالك الأرض والذي يحمل اسم "أحمد العدوي" بها لبناء المسجد.

يطلق كبار السن على حارتهم اسم "المريجة" بينما تعرف الآن باسم "العدوية" وعن عدد السكان والمؤسسات الرسمية الموجودة فيها إضافة إلى ما تتصف به أصغر حارات "حمص" يقول:

«يبلغ عدد سكان الحارة أربعة عشر ألف نسمة حسب إحصاء لجنة محافظة "حمص" لعام 2009، ويحدها من الجهات الأربع كلّ من "باب السباع" غرباً، "باب الدريب شمالاً"، حي "النزهة" جنوباً، حي "كرم اللوز" شرقاً، ويمتلك الحي ثلاث مدارس ابتدائية فقط ويفتقر لوجود إعدادية أو ثانوية سواء للذكور أو الإناث على الرغم من وجود نسبة عالية من المتعلمين وذوي الثقافة العالية ويوجد فيه أربعون طبيباً وحوالي ثمان وثلاثين صيدلية، إضافة لوجود مشاكل عديدة أولها افتقار المنطقة لوسائل النقل الداخلي "الباصات" واقتصارها على السرافيس القليلة العدد، وعدم ارتباطها بحارات "حمص" الداخلية مثل "بستان الديون، الحميدية، كرم شمشم..."، وثانيها أن

البعض من شوارع الحي مازالت تعتمد على التمديدات الصحية ذات الطراز القديم أي البناء الحجري الشكل وهذا يشكل خطورة كبيرة على الأبنية ولاسيما عند تجمع الماء أسفلها بعد هطل المطر».

لا يحتمل الطراز القديم نوعاً ما والذي بني عليه الحي بما فيه من شوارع ضيقة وجود الأبراج العالية وتلك مشكلة أخرى نتيجة عدم التزام بعض السكان بذلك وبنائهم لتلك الأبراج ومع ذلك فإن انتشار جميع أنواع المحال التجارية المصنوعة جعل الحي مكتفٍ بكل احتياجاته، مع وجود مستشفيات حديثة الطراز قيد الإنشاء فيها حالياً.

ومع وجود نسبة مرتفعة من الثقافة إلا أنّ قسماً كبيراً من السكان يمتهن الأعمال الحرّة إلى جانب العمل الوظيفي، كما أضاف المهندس "إبراهيم عيوش" أحد سكان الحي ورئيس لجنة الحي:

«يتسم حي العدوية بعدم وجود تقوقع بين أهله على الرغم من أنّ البعض من سكان المدينة والآخر حديث العهد، إلا أن سمة التآخي الموجودة فيه مازالت قائمة حتى الآن، وحسب عملي ضمن لجنة الحي فأنا ألمس هذا بوضوح».

ولمعرفة نفحات من ذاكرة الحي التقينا السيدة "جميلة عبدو شبلي" أحد أوائل السكان في الحي وصاحبة أحد المحال التجارية تقول: «أقطن في الحي منذ حوالي ثمانية وثلاثين عاماً وأنا أتذكر الحي جيداً
فقد كان عبارة عن بيوت من الطين ودون تمديدات للمياه أو الكهرباء، وحولها أراضٍ مزروعة وعند بدء حركة البناء أقيمت البيوت دون وجود سندات ملكية للسكان ومن ثمّ تطورت شيئاً فشيئاً حتى أصبحت حديثة العهد ومتطورة وزاد عدد السكان بشكل واضح، حتى أصبح الحي من الأحياء المعروفة في "حمص" والذي يرغب الكثيرون في العيش فيه ولكن مع هذا كلّه بقي الحي محافظاً على أشياء ثابتة لم ولن تتغير وهي الطابع الاجتماعي الهادئ».

» 8 نصائح لتبدي أصغر سناً